المالكي....الحاضر الذي لا يغيب




سعد الأوسي


كان لابد ان يكون الوجهة الأهم التالية لتجمع الاعلاميين العراقيين (النخب القائدة) صوب الزعيم نوري المالكي، الرجل الاقوى والاكثر حضوراً وتأثيراً وفعلاً في السياسة العراقية، والذي يعدّ الكفّة الأثقل والأكثر رسوخاً في ميزان القوة لدى التحديات والمفترقات السياسية الكبرى على مدى العقدين المنصرمين.

وكعادة الرجل في كرم الضيافة والاخلاق العالية فقد احيط وفدنا المشتمل على اكثر من خمسة وعشرين عضواً من كبار الاعلاميين العراقيين، باعلى درجات الحفاوة والتقدير  في جميع مراحل الزيارة، بدءاً من تجاوز كل الترتيبات الامنية في الدخول الى القصر الرئاسي الذي يشغله الرئيس المالكي كمقر عمل واستقبال، فقد كانت الاوامر تقضي دخولنا بسياراتنا الشخصية حتى باب القصر وعدم خضوعنا لاي نوع من انواع التفتيش، تقديرا واحتراماً للوفد شخوصاً ومهنةً.

ولم نلبث في انتظاره سوى دقائق معدودة حتى دخل علينا باجمل عبارات الترحيب والتأهيل والتكريم وبحفاوة وتواضع ادهشا  اعضاء الوفد الذين لم يكونوا التقوه قبل هذه المرة. 

لم تكن مهمتي كرئيس وفد في تقديم الحضور الى الزعيم المالكي صعبة، حيث بدا ان دولته يعرف اغلبهم جيّداً،لما عرف عنه من متابعة واهتمام دؤوب بالاعلام. وقد اختار لي متفضلا المقعد الايمن الى جانبه لاتولى ادارة الجلسة التي بدا لي ولزملائي انها ستطول وان الحديث فيها سيكون ذا شجونٍ وشؤون.

ومنذ كلماته الاولى اكّد المالكي على قناعته الراسخة باهمية الاعلام في جميع شؤون الحياة وكرديف موضوعي معادل للسياسة، حيث قال: اذا لم يكن هنالك اعلام فليس هنالك سياسة، وسياسة بلا اعلام لا تجدي نفعاً ابداً.

كانت هذه الكلمات بداية مشجعة جدا للزملاء الاعلاميين الحاضرين لفتح ابواب الحديث مع دولته على مصراعيه وبكامل الحرية والارتياح، بعد ان فاجأهم بتواضعه وبساطته وتقديره العالي لضيوفه ومهنتهم النبيلة.

وفي غمرة الاحاديث وتبادل الآراء والافكار والملاحظات والاقتراحات نسي الجميع الوقت والمواعيد وروتين الرئيس المالكي في اوقات العمل، حيث يعرف الجميع انه لا يعمل بعد الساعة الثانية ظهرا في دوامه الصباحي، بينما كانت الساعة تشير الى الرابعة عصرا في هذا اللقاء، وعبثا ضاعت كل همسات موظف مراسم القصر الذي كان يتعمد ان يهمس في اذني بين حين وآخر ان الوقت قد انتهى، امام انظار الرئيس الذي كان يتجاهل تلك الاشارات من فرط ارتياحه وحبوره كاسراً عادته والتزامه الصارم بالروتين الوقتي المعتاد.

سأله احد الزملاء عن سرّ زيارة الكاظمي لطهران، وهل هي محاولة لترتيب عودته الى رئاسة الوزراء من جديد ؟؟؟

وبذكائه المعروف وخبرته السياسية الطويلة اجاب المالكي اجابة سياسية دبلوماسية ذات دلالة واضحة، فقال: 

لا اعلم شيئاً عن اهداف وتفاصيل زيارة الكاظمي لايران، ولكنه اتصل بي قبل فترة وطلب حمايتي فقلت له عد الى مكانك حيث هو جاري في السكن، وستكون آمناً وبحمايتي، إلاّ انه فضّل العيش خارج العراق !!!.

وعن موضوع ترتيب عودته الى رئاسة الوزراء كما ذكرتم، اسألكم انتم : هل تتوقعون عودة الكاظمي الى الحكم ثانية !!؟؟؟؟

قلت له بمزاح مقصود : الامر بين يديك يا دولة الرئيس، فاذا شئت انت له ان يعود فسيعود، واذا لم تشأ فاعتقد ان حظه مستحيل في العودة.

قال: لقد وجهته ونصحته كثيراً اثناء فترة حكمه ولكنه كان يصرّ على الذهاب باتجاهات أخرى !!!.

وفي حديثه عن حكومة الرئيس السوداني المنبثقة عن الاطار التنسيقي والتي يعدّ الزعيم المالكي عرّابها وقائد الحراك السياسي الشاق الذي انتجها، قال:

اطلب منكم جميعا بصفاتكم الشخصية والمهنية وبثقلكم الاجتماعي المهم ان تدعموا حكومة الرئيس السوداني فهي حكومتكم وليست حكومة الاطار فحسب، 

وانا وباقي زعماء الاطار ندعمها في كل خطواتها وقراراتها ومساراتها، إلاّ في امر واحد الذي نعدّه الخط الاحمر والاخطر الذي يجب عدم الاقتراب منه وهو العلاقات والتطبيع مع إسرائيل، لانه امر يرفضه الشعب والقوى السياسية في آنٍ معاً.

بعد ذلك استمع دولته الى بعض الطلبات الخاصة التي قدّمها عدد من اعضاء الوفد ووعد بالتدخل فيها وحلّها، كما وعد انهم في اطار دعم الصحافة والاعلام سيسعون الى تغيير القوانين الخاصة بالاعلام ووضع بعض التشريعات والتسهيلات التي من شأنها ان توفّر موارد مالية مساعدة لوسائل الاعلام في ظل الازمة الاقتصادية التي تمرّ بها اغلب وسائل الاعلام في العراق والشبيهة الى حد كبير بازمات نظيراتها في الوطن العربي والعالم، بسبب الازمات الناجمة عن الركود والكساد الاقتصادي العالمي.

وقد شجعني هذا الحديث ان اضع امام الرئيس مقترحي لاعادة المستشاريات الصحفية العراقية في الخارج والتي كانت تشكّل نوافذ ثقافية واعلامية عراقية مهمة في الخارج، تفتح قنوات التواصل والتعاون في العواصم العربية والاقليمية والعالمية، وتلعب دور سفارات فكرية وفنية وابداعية في الخارج، 

وبيّنت لدولته ان هذه المستشاريات والمراكز الثقافية الملحقة بها كانت تعدّ من المعالم المهمة للجاليات العراقية والعربية في الخارج، وكثيرا ماحظيت نشاطاتها بالمتابعة والاهتمام. لكنني في السياق ذاته اؤكّد على ضرورة ان لاتكون هذه المستشاريات خاضعة للمحاصصة والتقاسم الحزبي كما لا يجوز ان يتولّى ادارتها الطارئون او الموظفون العاديون، بل يجب ان تناط برجال الاعلام والثقافة والادب والفن القادرين على جعلها مراكز اشعاع عراقية، وليست مجرد مغانم يفوز بها فلان وعلان. 

وربما يجب الاشارة في هذا الصدد الى ان واحدا من اهم اسباب تردي حال الاعلام العراقي يقع على عاتق الاحزاب والقوى السياسية التي تسيطر على الوزارات حيث تقوم بتعيين مدراء مكاتبها الاعلامية ومستشاريها من (جماعتهم) اصحاب الولاء والانتماء، واغلبهم طارئون على المهنة وغير ذوي اختصاص و خبرة و قدرة، ولذلك تحصل الخلافات والتقاطعات الحادة بينهم وبيننا كوسائل اعلام (فضائيات وصحافة ورقية ومواقع الكترونية) عند التعامل المشترك.

وفي محور آخر تحدّث المالكي ردّاً عن موضوع الصراع ببن مجلس امناء شبكة الاعلام العراقي ورئيس شبكة الاعلام العراقي الذي وصل الى القضاء وتراشق التصريحات، وكذلك التعديلات الجديدة التي وضعت على قانون الشبكة وتعيين رئاستها وصلاحياتها، حيث يراه الاعلاميون مجحفاً جدا و لا يتسق في روحه ونصوصه مع جو الديمقراطية والحرية التي يقوم عليهما الدستور العراقي، قال: لن نسمح بالعودة الى الممارسات الدكتاتورية في المؤسسات الاعلامية الحكومية باي شكل من الاشكال، ولن نسمح كذلك لاية جهة حزبية او حكومية في الهيمنة عليها، وهو ذات الامر الذي يجعلنا نرفض اعادة تشكيل وزارة الاعلام من جديد، لانها حين ستصبح حصّة احد الاحزاب او التيارات السياسية ستفرض رؤيتها ومصالحها الخاصة على منهج الوزارة وخطابها ولن تكون اداة وطنية حرّة كما يجب ان تكون.

في نهاية اللقاء واثناء التقاط الصور التذكارية مع اعضاء الوفد قالت احدى الزميلات ان العديد من الاعلاميات يتعرضن الى مضايقات  من بعض اصحاب القنوات الفضائية ومدرائها، 

فقاطعها الرئيس المالكي : ان رئيسكم سعد الأوسي سيطلق قناة فضائيةً جديدة عما قريب، فكلّ من تشعر بالمضايقة تستطيع ان تلتحق بقناة الأوسي، التي نثق برسوخ انها ستكون عالية المهنية ووطنيةً بحق، ونعوّل كثيرا على ان تكون هذه القناة النافذة العراقية الاولى في التأثير والامتداد عربيا وان تصبح نموذجا للاعلام الصادق الحر.

قلت: دولة الرئيس اسمح لي ان استغل حديثك هذا للرد على الاقاويل التي تدّعي ان هذه القناة تحظى بدعم مالي من الرئيس المالكي.واعلن امام الجميع  ان هذا الامر عارٍ عن الصحة تماماً، وانني لم احظ باي دعم مالي لامن المالكي ولا من اي سياسي او مسؤول سواه، داخلياً و خارجياً

فقاطعني ضاحكاً: ليس لدينا ما ندعمك به الا أصواتنا، أما غير ذلك فنحن لا نملك مانستطيع ان ندعمك به او ندعم سواك.



اسماء اعضاء الوفد الذي التقى السيد المالكي وكان برئاستي 


١...سعد الاوسي....رئيس مجموعة المسلة الاعلامية 

٢...الدكتور احمد عبدالمجيد رئيس تحرير صحيفة الزمان 

٣...محمد حنون ...رئيس تحرير وكالة موازين 

٤...مهدي الهاشمي رئيس تحرير صحيفة العالم 

٥.. زهراء عادل مقدمة برامج

٦...فائق العقابي ...مقدم برنامج 

٧...علي الفرهود....رئيس تحرير بغداد تايمز

٨...انتظار الشمري رئيسة منظمة صحفيات بلا حدود  

٩...ماجد سليم...مقدم برامج 

١٠..حيدر الطائي رئيس تحرير وكالة آن نيوز

١١...علي الدراجي...رئيس تحرير صحيفة المستقبل العراقي

١٢...اسيل السعداوي...مقدمة برامج

١٣..اسيل البياتي...مقدمة برامج 

١٤..نور الماجد.....مقدمة برامج

١٥...زهراء محمد....مقدمة برامج 

١٦...امل علي....مقدمة برامج

١٧...منال المعتصم ....مقدمة برامج

١٨...رعد المشهداني....مقدم برامج

١٩...عبدالسميع عزاوي السامرائي ....مقدم برامج 

٢٠...لبنى الجناحي....مقدمة برامج

٢١...عبدالزهرة الركابي....رئيس تحرير صحيفة العراق الاخبارية

٢٢..عبدالرسول زيارة ...رئيس تحرير صحيفة الشرق 

٢٣....مصعب المدرس ....رئيس تحرير صحيفة النجوم

٢٤...سالم حواس....مقدم برامج

٢٥...علي كريم حسن ...رئيس تحرير صحيفة نبض الشباب

بغداد بلص

© Webeiq. All Rights Reserved.